15.01.2023
247

من معالم وسطية المذهب الماتريدي بين المذاهب الاعتقادية الإسلامية ..

أحمد سعد إبراهيم عبد الرحمن عثمان (الدمنهوري)

باحث وأكاديمي، مدرس أول في الأكاديمية الإسلامية الدولية بأوزباكستان، 

وخبير بمركز الإمام الماتريدي الدولي للبحوث العلمية

المنهج والتطبيق

أولا: تمهيد حول التدافع العقدي في منطقة ما وراء النهر.

إن الناظر في أحوال منطقة المشرق في الفترة التي عاش فيها الإمام الماتريدي؛ يدرك مدى التفاعل الثقافي الناتج عن كثرة الاتجاهات الفكرية والفرق المذهبية الإسلامية فى تلك المنطقة، فنجد المقدسي يعدد مذاهب إقليم المشرق، فيقول: “وهو أكثر الأقاليم علما وفقها وللمذكرين به صيت عجيب، ولهم أموال جمة وبه يهود كثيرة، ونصارى قليلة، وأصناف المجوس.. وأولاد علي رضي الله عنه فيه على غاية الرفعة، ولا ترى به هاشميا إلا غريبا، ومذاهبهم مستقيمة غير أن للخوارج بسجستان ونواحي هراة كروخ واستربيان كثيرة، وللمعتزلة بنيسابور ظهور بلا غلبة، وللشيعة والكرامية بها جلبة، والغلبة في الإقليم لأصحاب أبي حنيفة إلا في كورة الشاش وايلاق وطوس ونسا وابيورد وطراز وصنغاج وسواد بخارا وسنج والدندانقان واسفراين وجويان فإنهم شفعوية كلهم ... وللكرامية جلبة بهراة وغرج الشار ولهم خوانق بفرغانة والختل وجوزجانان وبمرو الروذخانقه وأخرى بسمرقند، وبرساتيق هيطل أقوام يقال لهم بيض الثياب مذاهبهم تقارب الزندقة ... وأكثر أهل ترمذ جهمية، وأهل الرقة شيعة”([1]).

وقد انشغل أمراء الدولة السامانية بحركات الخوارج والشيعة، “وكلا الحركتين ظلت مستمرة إلى عهد السامانيين أيضًا”([2]). كل ذلك أوجد حركة علمية كان من آثارها التفاعل بين أرباب المذاهب؛ فبالاضافة للإمام أبي منصور وأصحابه الذين مثلوا مذهب جمهور الأمة، فإن هذه البلاد قد أخرجت اثنين من أكبر الشخصيات الكلامية فى تاريخ الإسلام هما: أبو زيد البلخي (ت:322هـ) الذي كان يعد من أذكياء العالم([3])، وأبو القاسم الكعبي (ت: 329هـ) الذي عرف بكثرة التصنيف والتعصب لمذهبه([4])، وكلاهما ذكره الماتريدي فى كتبه، لاسيما الكعبي الذى خصه بمؤلفات ترد عليه([5])؛ بل إننا لنستطيع القول إن علم الكلام الذى انشغل الإمام الماتريدي بالتنظير له وقرير وتحرير مسائله إكمالا لما أسسه الإمام الأعظم، يعد أساسا ثمرة لذلك السجال مع أصحاب العقائد والأديان؛ فنحن أمام بيئة فكرية خصبة تحوى أفكارا متباينة ومذاهب مختلفة. 

وقد اعتبر الإمام الماتريدي اختلاف الأمة من دلائل النبوة؛ حيث وقع ما أخبر عنه القرآن من تفرق الناس بعد وفاته ﷺ حيث قال تعالى (أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ) الآية، وقال في ارتدادهم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ)، “ففي ذلك كله دلالة إثبات الرسالة؛ إذ خرج على ما أخبرﷺ وذكر في المستقبل.”([6]) ؛ لذلك جاء تعامل الماتريدي مع هذه الفرق إيجابيا؛ فجعل تفسيره كله في نصرة قول أهل السنة الذي هو وسط بين تلك المذاهب والتيارات وأخذ على نفسه عاتق الرد على سائر أهل الأهواء([7])، واتخذ لذلك منهجا علميا دقيقا؛ فما هو هذا المنهج؟

ثانيا: منهج الماتريدي في الرد على خصوم الوسطية:

 اتخذ الماتريدي منهجا منضبطا وسطا في الرد على خصوم الوسطية؛ هؤلاء الخصوم الذين مال بعضهم إلى جهة العقل فأوغل فيه، أو النقل فغالى فيه؛ فما كان من الماتريدي إلا أن كان منهجه هو(التوسط بين موجبات العقول وقواعد المنقول)، وهذا الضابط الكلي والمنهج الواضح هو صريح قول الإمام في كتاب (التوحيد): “ ثمَّ أصل مَا يُعرف بِهِ الدّين-إِذْ لابد أَن يكون لهَذَا الْخلق دين يلْزمهُم الإجتماع عَلَيْهِ وأصل يلْزمهُم الْفَزع إِلَيْهِ- وَجْهَان: أَحدهمَا السّمع، وَالْآخر الْعقل”([8]).

لا ريب أن هذا التوسط هو الموقف الحق الذى يرضي جانبي العقل والنقل معا، حيث لا إفراط ولا تفريط، بحيث يعطى للنقل حقه وللعقل قدره، وهو ما عبر عنه حجة الإسلام الغزالى فقال: “بين المعقول والمنقول تصادمٌ في أول النظر، وظاهر الفكر. والخائضون فيه تحزبوا إلى: مُفَرِّط بتجريد النظر إلى المنقول، وإلى مُفَرِّط بتجريد النظر إلى المعقول، وإلى متوسط طمع فى الجمع والتلفيق، والمتوسطون انقسموا إلى من جعل المعقول أصلا والمنقول تابعا، فلم تشتد عنايتهم بالبحث عنه، وإلى من جعل كل واحد أصلا ويسعى في التأليف والتوفيق بينهما”([9]).  ثم قال: “والفرقة الخامسة هي الفرقة المتوسطة الجامعة بين البحث عن المعقول والمنقول، الجاعلة كل واحد منهما أصلا مهما، المنكرة لتعارض العقل والشرع وكونه حقا، ومن كذب العقل فقد كذب الشرع؛ إذ بالعقل عرف صدق الشرع، ولولا صدق دليل العقل لما عرفنا الفرق بين النبي والمتنبي والصادق والكاذب، وكيف يكذب العقل بالشرع وما ثبت الشرع إلا بالعقل، وهؤلاء هم الفرقة المحقة”([10]).

فالجمع بين الدليلين هو الوسط بين طرفي الإفراط والتفريط؛ فالنقل والعقل متعاضدان وأن ما جاء به النقل ثابت مركوز في العقل؛ لكن هذا التوسط ليس أمرا يسيرا، لأنها ليست مسألة رياضية، فما هي حلول الإمام الماتريدي لإيجاد هذا المزيج المتعادل؟ 

نقول: إذا كان الإمام الماتريدي يجمع في منهجه بين العقل والنقل، أو يحاول التوسط بينهما؛ لأن الموقف الوسط إنما هو “موقف نظري اعتبارى، وليس موقفا حسابيا دقيقا لذا فهو موقف صعب، لا بد فيه من الميل إلى جانب دون آخر”([11]). كما وقد أشار حجة الإسلام الغزالي بعد ذكره للفرقة المحقة التى جمعت بين النقل والعقل وجعلت كل واحد منهما أصلا إلى هذه الصعوبة؛ إذ يقول: “وقد نهجوا منهجا قويما إلا أنهم ارتقوا مرتقى صعبا وطلبوا مطلبا عظيما وسلكوا سبيلا شاقا، فلقد تشوفوا إلى مطمع ما أعصاه، وانتهجوا مسلكا ما أوعره، ولعمري إن ذلك سهل يسير فى بعض الأمور، ولكن شاق عسير في الأكثر”([12]). لكنه مع إقراره بهذه الصعوبة يعود ليقرر قائلا: “نعم من طالت ممارسته للعلوم، وكثر خوضه فيها يقدر على التلفـيق بين المعـقول والمنقـول في الأكثر بتأويـلات قريبة، ويبقى لا محالة عليه موضعان: موضع يضطر فيه إلى تأويلات بعيدة تكاد تنبو الأفهام عنها، وموضع آخر لا يتبين له فيه وجه التأويل أصلا فيكون ذلك مشكلا عليه من جنس الحروف المذكورة في أول السور، إذا لم يصح فيها معنى بالنقل، ومن ظن أنه سلم عن هذين الأمرين فهو: إما لقصوره فى المعقول وتباعده عن معرفة المحالات النظرية، فيرى ما لا يعرف استحالته ممكنا. وإما لقصوره عن مطالعة الأخبار ليجتمع له من مفردات ما يكثر مباينتها للمعقول”([13]). ثم أوصى بالتواضع ومعرفة أن الله تعالى ما أعطانا من العلم إلا القليل، وأوصى بعدم تكذيب برهان العقل أصلا؛”لأن العقل لا يكذب ولو كذب العقل فلعله كذب في إثبات الشرع”([14]).

 ومن هنا فإنه لا بد فى بعض المسائل من الميل تارة إلى جانب العقل وأخرى إلى جانب النقل بحسب قوة الأدلة لدى نظر الناظر، وما يحتف بها. ولصعوبة الموقف الوسط الذى أشار إليه الغزالى وغيره فقد اختلف أهل السنة أنفسهم فانقسموا إلى مدرستين كبيرتين: مدرسة الأشاعرة، أتباع الإمام أبي الحسن الأشعري(ت:324هـ)، ومدرسة الماتريدية، أتباع الإمام أبي منصور الماتريدي (ت:333هـ)، وقد اختلفوا فى فروع الاعتقاد. ومن هنا كان لا بد من التعرف على كيفية إيجاد هذا المزيج المتعادل بين العقل والنقل لدى الماتريدي، وذلك من خلال التعرف على بعض الضوابط الفرعيةالتي استخرجناها باستقراء تفسيره، والتي أهمها:

الضابط الأول: الكف عما يتوقف على خبر.

من تقدير الإمام الماتريدي للنقل أنه لا يخوض فيما يجب أن يُعلَم بالنقل، فللنقل مجاله وللعقل حدوده، ومن ثم فإن العقل لا يتدخل في أمور الغيب التى لا دليل عليها أو لم يأت بها النقل الصحيح القطعي([15]). وقد جاء تطبيق الماتريدي لهذا الضابط في مواطن عديدة([16]). وتوقف الماتريدي فيما لا يعلم إلا بالخبر أصل كلي من أصول تفسيره التي كشفنا عنها في موطنها، أعني: (عدم التكلف واعتبار المقاصد)، فلينظر في موضعه.

الضابط الثاني: لا يُقبل قول إلا ببرهان.

من تقدير الماتريدي للعقل أنه لا يبقل قولا إلا ببرهان([17])، ومما يدل على ذلك قبوله لكل (تأويل)([18]) شرط أن يصح في العقل([19]). فنجده يرجح بعض التأويلات وفقا لشهادة العقل، أو استنادا لدلالة العقول، ومن ذلك ما جاء في سورة ص، عند قوله تعالى: (وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ)، حيث يقول: “ومن الناس من يقول: تسبيح هذه الأشياء التي ذكر هو تسبيح خِلقة لا تسبيح نطق وكلام. لكن لو كان على هذا، لكان لا معنى لذكر تسبيحهن مع داود - عليه السلام – بل يكون تسبيحهن مع داود وغيره في كل وقت؛ دل أنه على تسبيح النطق”([20])، إلى غير ذلك من  الشواهد المتكاثرة في تفسيره([21]).

الضابط الثالث: يعتمد قبول التأويل - باعتباره أحد الاحتمالات التى يمكن حمل النص عليها أو التى يترجح الأخذ بها- على عدم مصادمته لأي من العقل والشرع جميعا.

وقد رد الماتريدي بعض ما تعارض مع النقل والعقل معا([22])، أو ما اصطدم بالنقل فقط([23])، أو العقل وحده([24]). وقد فصلت ذلك في غير هذا الموطن، فليراجعها من أراد.

ثالثا: من تطبيقات منهج الوسطية لدى الماتريدي:

لقد اتخذ الماتريدي موقع المنافح عن عقائد الإسلام وأصوله سواء مع المنتسبين إليه المنحرفين عنه أو ضد الخارجين عنه الطاعنين فيه؛ فكان عمله في جبهتين داخلية وخارجية .. أتناول هنا الجبهة الداخلية وأخص الخارجية بمطلب مستقل. شملت الجبهة الداخلية عددا من الفرق، كما يلى: 

التوسط في مرتكب الكبيرة لدى الخوارج والمعتزلة من جهة، والجبرية والجهمية من جهة ثانية:

المعتزلة؛ هم كل من يقول بالأصول الخمسة؛ إذ “ليس يستحق أحد منهم اسم الاعتزال حتى يجمع القول بالأصول الخمسة: التوحيد، والعدل، والوعد والوعيد، والمنزلة بين المنزلتين، والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، فإذا كملت فى الإنسان هذه الخصال الخمس؛ فهو معتزلى”([25])، وقد رد عليهم هذه الأصول الخمسة جميعا. فمن خلال أصل المنزلة بين المنزلتين، والذي يقصدون به أن أصحاب الكبائر ليسوا بمؤمنين ولاكفار، لكنهم فى منزلة بينهما وسموهم فساقا([26])، قالوا: لا تغفر لهم سيئاتهم ولا يحل لله أن يغفرها([27])، أما صاحب الصغيرة فمفغور له، وليس لله أن يعذب عليها([28]). فيتعقبهم الماتريدي بأن الكبيرة لا تُخرج من الإيمان([29]) مستدلا بعدد من الظواهر([30])، مبينا أن الثواب والعقاب فضل من الله لا يجب عليه شيئ([31])، وأن الأصح في أصحاب الكبائر الوقف([32])، مبينا أن قولهم هذا يترتب عليه أن يكونوا ممن لا يرجون الله ولا يخافونه؛ لأنه إن كان صاحب كبيرة فهو آيس قانط، وإن كان صاحب صغيرة فإنه ضامن للغفران([33])، وأنهم بهذا وقعوا في الأمن من مكر الله واليأس من رحمته([34]).

ومن خلال أصل الوعد والوعيد، والذي يقصدون به وجوب إنفاذ الله وعده ووعيده، فإنه إن مات أصحاب الكبائر من المؤمنين من غير توبه؛ فإنهم يخلدون في النار إلا أن عقابهم يكون أخف من عقاب الكفار، وبناء على هذا الأصل تأولوا الآيات التى تفيد بأن الله عزَّ وجلَّ يعفو عمن يشاء ويعذب من يشاء، واستدلوا بالآيات الواردة فى نفى الشفاعة عن غير المؤمنين الفائزين([35]). فما كان من الماتريدي إلا أن رد عليهم ما ذهبوا إليه وأثبت الشفاعة للعصاة، كما دلت عليه ظواهر الكتاب والسنة.([36]) أما الاستحقاق، فمفاده أن “الله لا يختص أحدا بشيء من الخير ولا نبوة ولا رسالة إلا ما كان منه ما يستحق به ذلك”([37]). وقد رده مستدلا بظواهر القرآن التي تنص على أن الله يختص برحمته من يشاء.([38])

والخلاصة أن الماتريدي اعتمد في الرد إلزامهم بظواهر القرآن من ناحية([39])، ورد ما تمسكوا به من ناحية أخرى، إما ببيان إغفالهم ظواهر أخرى، أو عدم مراعاة السياق([40])، أو مخالفة قواطع العقول([41])، كما عمل على بيان تناقض أقوالهم([42])، مع الاستعانة بالردود العقلية المفحمة.

 وأما الخوارج، فهم: “كل من خرج على الإمام الحق الذي اتفقت الجماعة عليه”([43])، و”يجمعهم القول بالتبري من عثمان وعلي رضي الله عنهما، ويقدمون ذلك على كل طاعة، ولا يصححون المناكحات إلا على ذلك. ويكفرون أصحاب الكبائر، ويرون الخروج على الإمام إذا خالف السنة: حقا واجبا”([44]). فقد بين الماتريدي جانبا نفسيا اجتماعيا حول سر عداوة الأمة لفكر هؤلاء، إذ كيف يطلبون من المسلمين محبتهم وهم يكفرونهم([45]). وقال إن تكفيرهم أصحاب الكبائر سيؤدي إلى عكس ما أرادوا “لأنهم لا يرون النجاة إلا بأعمالهم .. فيجب أن يكونوا أبداً متكلين ملازمين على الطاعات في كل وقت وساعة”([46]) وقد ألزمهم بظواهر القرآن والحديث، ودلائل العقول، وبين خروجهم عن الإجماع([47])؛ وبين قاعدته، فقال: “وأصل قولنا: إن لله عَزَّ وَجَلَّ أن يعذب عباده على جميع المعاصي: على الصغائر والكبائر جميعاً، وله أن يغفر جميع المعاصي سوى الشرك والكفر، على ما ذكرنا من دلائل الآيات وغيرها.”([48]) ولم يكتف بذلك فذكر ما يستدلون به من آيات، وعقب عليها بالرد([49]).

وعلى النقيض من المعتزلة والخوارج نجد الجهمية الذين جعلوا الإيمان هو المعرفة والجهمية فرع من الجبرية([50])، الذين قطعوا بنجاة أصحاب الكبائر، قائلين لا يضر مع الإيمان ذنب، والجهمية منهم يقولون بفناء الجنة والنار، مما يجعل المسلمين كالمجرمين. وقد رد عليهم الماتريدي معتمدا ظواهر القرآن التى تدل صراحة على الخلود والتأبيد لأهل الجنة والنار([51]) وفي قولهم بأن الإيمان هو المعرفة في مواطن كثيرة من تفسيره، ودون تصريح باسمهم غالبا([52])

التوسط في مسألة أفعال العباد بين المعتزلة والجبرية:

فمن أصول المعتزلة “أصل العدل”([53]) الذي تصوروه لا يتم لله إلا إن كان الإنسان خالق أفعاله الاختيارية، فرد الماتريدي رأيهم في أفعال العباد، وهي مسألة شغلت حيزا كبيرا من تفسيره، فاعتمد دلالات القرآن وظواهره المباشرة، بحيث نستطيع القول: إنه ما ترك آية تنفى استقلال العباد بأفعالهم إلا استدل بها وذكر استنباطه منها، مكررا عبارته الأثيرة أن “لله في أفعال العباد صنع”([54]). وهو لا يقف عند حدود ظواهر الآيات بل ينفذ إلى أعماقها حتى يكون الدليل نقليا عقليا معا([55]) كما كان حريصا على رد ما يتمسكون به من آيات القرآن([56])، كما قد يُلزمهم بما يترتب على قولهم من فساد([57]). وحرص على بيان تناقضهم حين قالوا بأن القرآن مخلوق فى حين جعلوا أفعال العباد غير مخلوقة([58])، كما تعقبهم في موقفهم من آيات الهداية والضلال([59]). وهم يقولون إن المقتول مات قبل أجله؛ لأنه مات بفعل قاتله([60])، ويوجبون على الله التعويض عن الآلام، والحق أنه ممكن لا واجب([61]) وأوجبوا على الله فعل الأصلح؛ فألزمهم بظاهر الآيات التي ترد مذهبهم([62]). ومن طريف استدلالاته ما قاله عند قوله تعالى حكاية عن الجن (وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا) حيث قال: “وفي هذا إبانة أن الجن من المسلمين لم يكونوا معتزلة؛ إذ من قول المعتزلة: أن اللَّه تعالى لا يفعل بعباده إلا ما هو أصلح لهم في الدِّين والدنيا”([63]).

وعلى النقيض من هؤلاء نجد الجبرية؛ الذين لم ينسبوا للعبد فعلا، وهؤلاء هم أهل الإرجاء المذموم، “والمرجئة: هي التي لم تر للعبد فيما ينسب إليه من الطاعة والمعصية فعلًا ألبتَّة؛ فأبطلت الشفاعة لهما”([64]) ، وهؤلاء لم يعتن الإمام الماتريدي كبير عناية بالرد المباشر عليهم فى تفسيره، اللهم إلا في موضع وحيد في سورة الأنفال بحسب ما وقفت عليه([65]).

التوسط بين نفي الصفات لدى المعتزلة وإثباتها على ظواهرها لدى المشبهة والحشوية:

أما نفاة الصفات الصفات فهم المعتزلة الذين كان أصلهم “التوحيد” وبناء عليه: نفوا أن يكون لله صفات قديمة، لأن إثباتها يستلزم تعدد القدماء([66])، وهو ما ضعفه الماتريدي([67]) مثبتا قدم الصفات([68]). كما رد إنكارهم رؤية الله في الآخرة، لاعتقادهم إفادتها التجسيم، إذ “أجمعت المعتزلة على أن اللَّه سبحانه وتعالى لا يرى بالأبصار، واختلفت: هل يرى بالقلوب؛ فقال أبو الهذيل وأكثر المعتزلة: نرى اللَّه بقلوبنا بمعنى أنا نعلمه بقلوبنا، وأنكر هشام الفوطي وعباد بن سليمان هذا وذلك”([69])، فأثبت الرؤية الواردة في الأخبار ومنع استلزامها للتجسيم([70]) بل بل اتهم منكرها بانحباسه في الرؤية المعهودة، فيكون قد وقع في التشبيه الذي هرب منه.([71])

أما المشبهة والحشوية، فالمشبهة هم: “الذين شبهوا الله بمخلوقاته.. ومنهم: مشبهة الكرامية”([72]) وهم: “أصحاب أبي عبد الله محمد بن كَرَّام، وهو ممن يُثبت الصفات إلا أنه ينتهي فيها إلى التجسيم والتشبيه”([73])،أما حشوية أهل الحديث فمعلوم عدم اتفاقهم على عقيدة وانفراد طائفة منهم بآراء عقدية تجسيمية، كما عبر عنه الأسنوي حين قال: “الحشوية وهم طائفة ضلوا عن سواء السبيل وعميت أبصارهم، يجرون آيات الصفات على ظاهرها ويعتقدون أنه المراد”([74]). أما الماتريدي فبين أصل مقالة التشبيه وأنها فى عقائد اليهود الذين نسبوا لله صفات المخلوقين([75]) وقد استدل على نفي التشبيه بالقرآن نفسه الذي يدل على التنزيه كما في قوله تعالى (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)([76]) كما يستدل بالمأثور عن الصحابة، وتأويل بعضهم لما يوهم التشبيه، كابن عباس الذي أول اليد بأنها كناية عن البخل([77])كما يستدل بالعقل لأن الله تعالى لا ماهية له ولا كيفية لأنهما أوصاف الخلق([78]).

أما الآيات الموهمة للتشبيه فإن الماتريدي يميل فيها إلى التوقف والتفويض([79])، وهذا لا يعارض تأويله لبعض الآيات وفق قانون اللغة، لكن دون قطع منه بالمراد، مما يتفق ومنهجه التفسيري القائم على التفرقة بين التفسير والتأويل([80]).

مصادر البحث: 

الإبهاج فى شرح المنهاج للبيضاوي، تأليف تقى الدين على بن عبد الكافى السبكى الكبير الشافعى (ت756هـ) وكمله ابنه تاج الدين عبد الوهاب (ت771هـ)، دار الكتب العلمية – بيروت، 1416هـ- 1995م. 

أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم، أبو عبد الله محمد بن أحمد المقدسي البشاري(ت:380تقريبا)، مكتبة مدبولي القاهرة، ط3، 1411/1991.

الإمام الماتريدي ومنهج أهل السنة في تفسير القرآن، أحمد سعد إبراهيم، دار النور المبين، 2018م. 

إمام أهل السنة والجماعة أبو منصور الماتريدي وآراؤه الكلامية، عبد الفتاح المغربي ، مكتبة وهبة، ط1، سنة 1985م. 

الانتصار والرد على ابن الراوندى الملحد، لأبى الحسين عبد الرحيم بن محمد الخياط، ت: محمد حجازى، مكتبة الثقافة الدينية بالقاهرة، بدون تاريخ.

تأويلات أهل السنة، أبو منصور الماتاتريدي، طبعة دار الكتب العلمية ، المطبوعة سنة 2005م، بتحقيق مجدي باسلوم.

تأويلات أهل السنة، أبو منصور الماتريدي، الطبعة التي نشرتها الرسالة، المطبوعة سنة 2004، بتحقيق فاطمة يوسف الخيمي.

تركستان من الفتح العربي إلى الغزو المغولى، فاسيلى بارتولد، تعريب: صلاح الدين هاشم، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، ط1، سنة 1981م. 

قانون التأويل، أبو حامد الغزالى، ت: محمد زاهد الكوثري، نشره السيد عزت العطار، مدير دار نشر الثقافة الإسلامية، مطبعة الأنوار ط1، 1359هـ/ 1940م.

كتاب التوحيد، أبو منصور الماتريدي، ت: بكر طوبال أوغلو، دار صادر. 

لسان الميزان، ابن حجر العسقلاني(ت:852هـ)، تحقيق: عبد الفتاح أبو غدة، دار البشائر الإسلامية، ط1، 2002م.

لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية ، شمس الدين، أبو العون محمد بن أحمد بن سالم السفاريني الحنبلي (ت:1188هـ)، مؤسسة الخافقين، دمشق، ط2، 1982م.

مروج الذهب ومعادن الجوهر، أبي الحسن على بن الحسين المسعودي(ت346هـ)، بعناية : كمال حسن مرعي، المكتبة العصرية بيروت، ط1، 2005م.

مقالات الإسلاميين، أبو الحسن الأشعري، عنى بتصحيحه: هلموت ريتر، دار فرانز شتايز، بمدينة فيسبادن (ألمانيا)، ط3، 1400هـ - 1980م. 

مقالات الإسلاميين، الإمام أبو الحسن الأشعري(ت324هـ)، ت:محمد محيي الدين عبد الحميد، مكتبة النهضة المصرية، ط 1، 1950م.

المواقف في علم الكلام، عضد الدين عبد الرحمن بن أحمد الإيجي(ت:756هـ)، عالم الكتب، بيروت.

الوافي بالوفيات، صلاح الدين خليل الصفدي(ت964هـ)، ت: أحمد الأرناؤوط وتركي مصطفى، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط1، 2000م. 

 


 

[1] أحسن التقاسيم، ص236 فما بعدها. باختصار.

 

[2] تركستان، ص338.

 

[3] الوافي بالوفيات، صلاح الدين الصفدي (ت: 764هـ)، ت: أحمد الأرناؤوط وتركي مصطفى، 6/251، 252.

 

[4] لسان الميزان، الحافظ ابن حجر: 4/429 ، ت: أبو غدة.

 

[5] ينظر: سد الثغور: ص145 فما بعدها.

 

[6] الزخرف : 65 – 9 / 181 . ط العلمية. 

 

[7] ينظر: الإمام الماتريدي ومنهج أهل السنة في تفسير القرآن، أحمد سعد إبراهيم، دار النور المبين، 2018م. 

 

[8] كتاب التوحيد، أبو منصور الماتريدي، ت: بكر طوبال أوغلو، ص66، دار صادر، 

 

[9] قانون التأويل، أبو حامد الغزالى، ت: محمد زاهد الكوثري، نشره السيد عزت العطار، مدير دار نشر الثقافة الإسلامية، ص6، مطبعة الأنوار ط1، 1359هـ/ 1940م.

 

[10]المرجع نفسه، ص9.

 

[11] إمام أهل السنة والجماعة، د. عبد الفتاح المغربي، ص32.

 

[12] قانون التأويل، ص9. 

 

[13]المرجع نفسه، ص10.

 

[14]المرجع نفسه، ص10.

 

[15] ينظر: الشعراء: 47، 48  - 3/525.

 

[16] محمد: 26 – 4/511.

 

[17] غافر: 26 – 4/340. 

 

[18] أي على اصطلاحه في معنى التأويل الذي يعني الاحتمال المقبول عقلا ونقلا، كما أوضحناه في دراستنا حول (منهج أهل السنة في التفسير).

 

[19] الاخلاص: 1 – 5/537. 

 

[20] ص: 19– 4/ 262. وما في ط العلمية ناقص، غير مستقيم، ينظر: 8/ 612.

 

[21] ينظر مثلا: الأعراف: 108– 2/269 . يونس: 100– 2/ 503. والنحل: 21– 3/ 79. والكهف: 17– 3/215. والفرقان: 17– 3/ 496. والنمل: 36– 3/ 5  62 والنمل: 38– 3/ 562، 563. والنمل: 42– 3/564. والقصص: 49– 3/ 601، 602. وص: 16، 17– 4/ 260. 

 

[22] الحج: 37 – 3/374. 

 

[23] الأنبياء: 90 – 3/344.

 

[24] الأحقاف: 9 – 4/486. 

 

[25] الانتصار والرد على ابن الراوندى الملحد، لأبى الحسين عبد الرحيم الخياط، ت: محمد حجازى، ص 188، 189.

 

[26] يونس : 62 – 2/488 .

 

[27] محمد : 19 – 4/508.

 

[28] مريم: 87–3/279 ، 280. الملك: 12–5/193 ، 194. المائدة: 40–2/38. الأعراف: 23–2/218.

 

[29] الأنفال: 72 – 2/375 . الحجرات: 9 – 4/545.

 

[30] يونس : 9 – 2/466. إبراهيم : 35 – 3/28 ، 29 . الحجر: 56 – 3/55. الجن : 21 – 5/50.

 

[31] الأنعام : 160 – 2/199.

 

[32] الأنبياء : 112 – 3/353. الحديد : 19 – 5/48. الأنفطار: 14 – 5/401، 402.

 

[33] الملك : 12 – 5/193، 194.

 

[34] الأعراف : 99 – 2/265.

 

[35] النمل: 89 – 3/580.

 

[36] البقرة :255-2/236 ط العلمية. التوبة: 80-5/436 ط العلمية. طه:87-7/261 ط العلمية.

 

[37] إبراهيم : 11 – 3/12. مريم : 12 – 3/260 . الأحزاب: 47 – 4/126 . الإسراء: 55 – 3/167.

 

[38] ينظر: الإسراء:86-3/191.

 

[39] الأعراف:23-2/341. الأعراف:178-2/309. النحل:77-3/107. النور:2-3/427.

 

[40] ينظر مثلا: الأعراف:18-2/214.

 

[41] ينظر: القمر:49-4/629.

 

[42] ينظر مثلا : الإسراء: 86-3/190.

 

[43] الملل والنحل ، الشهرستاني: 1/ 132.

 

[44]المرجع نفسه، 1/133

 

[45] الحديد : 27 – 5/ 55، 56 . وفي ط العلمية : 9/ 539.

 

[46] غافر : 7 – 4/ 331.

 

[47] النساء: 48 – 3/ 202. ط العلمية.

 

[48] غافر: 7 – 4/331. وينظر: ويوسف: 16 – 2/517 . الفرقان: 68 : 3/514.

 

[49] آل عمران:133-2/479 فما بعدها ط العلمية. الأعراف : 18 – 4/ 375 . ط العلمية.

 

[50] يقول[المواقف، ص428]”والجبر إسناد فعل العبد إلى الله،  والجبرية متوسطة تثبت للعبد كسبا كالأشعرية، وخالصة ولا تثبته كالجهمية وهم أصحاب جهم بن صفوان، قالوا لا قدرة للعبد أصلا، والله لا يعلم الشيء قبل وقوعه، وعلمه حادث لا في محل، ولا يتصف بما يوصف به غيره كالعلم والقدرة، والجنة والنار تفنيان، ووافقوا المعتزلة في نفي الرؤية وخلق الكلام وإيجاب المعرفة بالعقل” وينظر: مقالات الإسلاميين، ص279 ، 280.

 

[51] الأحزاب: 65-8/417 . ط العلمية. البقرة: 25-1/405. البقرة :38-1/441 . الزمر: 61-8/700 . كلها ط العلمية .

 

[52] المائدة: 41-3/520 . ط العلمية. النساء: 164-3/419. ط العلمية.  الأنفال:54-5/242. ط العلمية .

 

[53] ومعناه عندهم [مروج الذهب ومعادن الجوهر: 3/184، 185]”أن اللهّ لا يحبُّ الفساد، ولا يخلق أفعال العباد، بل يفعلون ما أمروا به وَنُهُوا عنه بالقدرة التي جعلها اللّه لهم وركبها فيهم، وأنه لم يأمر إلا بما أراد، ولم ينه إلا عما كره، وأنه وليُّ كل حسنة أمر بها، بريء من كل سيئة نهى عنها، لم يكلفهم مالا يطيقونه، ولا أراد منهم مالا يقدرون عليه، وأن أحداً لا يقدر على قَبْض ولا بَسْط إلا بقدرة اللّه التي أعطاهم إياها”

 

[54] ينظر: الأنعام : 125–2/173 . الأعراف: 138 – 2/279 . الأنبياء: 20–3/322. الطلاق: 1–5/127.

 

[55] المدثر: 17 – 5/315 . وط العلمية : 10/309.

 

[56] هود: 20 – 2/517 . الروم : 30 – 4/47، 48. الأعلى: 3 – 5/438 .

 

[57] التغابن : 11 – 5/149، 150. الجن: 21 – 5/284.

 

[58] الإسراء: 86-3/190.

 

[59] فاطر: 22 – 4/177 ، 178. مريم : 76 – 3/276. يونس: 88 – 2/497. الزخرف: 27–4/431.

 

[60] الأعراف 34 – 2/622 . غافر : 68 – 4/357 . فاطر : 2- 4/168 . يونس : 49 – 2/484.

 

[61] الزمر: 7 – 4/296 . الشورى: 30 – 4/408 ، 409 . غافر: 79 – 4/360 ، 361

 

[62] القصص : 8- 3/585. الحجر : 88 – 3/63 . الأحزاب: 37– 4/120. الكهف: 98– 3/252.

 

[63] الجن : 10 – 5/ 278.

 

[64] البقرة: 31 – 1/ 421 فما بعدها . ط العلمية.

 

[65] الأنفال : 51 – 5/239. ط العلمية.

 

[66] ينظر: مروج الذهب ومعادن الجوهر، أبي الحسن على بن الحسين المسعودي(ت346ه)، 3/184.

 

[67] هود : 16 – 2/514 .

 

[68] ينظر: الأنعام : 16 – 2/101 . النصر : 3 – 5/534 .

 

[69]  مقالات الإسلاميين، أبو الحسن الأشعري، ص157.

 

[70] الأنعام: 103-4/199، 200 . ط العلمية. الأعراف:143-5/5. ط العلمية. سورة ق : 17-4/560.

 

[71] الأعراف: 134-5/25 . ط العلمية.

 

[72] لوامع الأنوار البهية، السفاريني الحنبلي(ت:1188هـ)، 1/91.

 

[73] الملل والنحل، أبو الفتح محمد بن عبد الكريم الشهرستاني (ت:548هـ)، 1/108، بتصرف يسير ، ط الحلبي.

 

[74] الإبهاج فى شرح المنهاج للبيضاوي، تقى الدين السبكى (ت756هـ) وكمله ابنه تاج الدين (ت771هـ)، 1/361.

 

[75] ق:38-4/569. الزمر:67-4/321.

 

[76] الأنعام:61-2/125. وفي ط العلمية: 4/105. الرعد:9-2/619 . وفي ط العلمية: 6/314، 315.

 

[77] المائدة:64-2/52.

 

[78] طه: 49، 50 -3/294.

 

[79] الفجر: 22– 10/ 525، 526. ط العلمية. الزمر: 67-4/322.

 

[80] ينظر: الإمام الماتريدي ومنهج أهل السنة في التفسير، أحمد سعد إبراهيم.

 

معلومات إضافية

المنهج الماتريدي وتحصين الشّباب من التغرُّب
د. محمد جنيد بن محمد نوري الديرشويأستاذ مشارك في تخصّص الفقه الإسلامي وأصولهأكاديمية بلغار الإسلامية، تتارستان- روسيا الاتحادية بسم الله...
أثر العولمة على القيم والأخلاق
د. محمد أمين على محمد عيسىمدرس العقيدة والفلسفةجامعة نور مبارك كازاخستان- سابقاًالقاهرة الحمد لله رب العالمين حمدا لا يبلغ العدّ...
منهج الإمام الماتريدي في آيات الصفات من خلال تفسيره
الدكتور سيف بن علي العصريأستاذ علم الكلام والفقه والقضايا المعاصرة في أكاديمية بلغار الإسلامية الحمد لله المنفرد بالكمالات، المتصف بجميل...

ترك التعليق

ملاحظات

التواصل الاجتماعي

اتصال

هاتف:
بريد إلكتروني:
العنوان:
©2024 All Rights Reserved. This template is made with by Cherry